الوعي الشقي عائق أمام تحقيق أحلام اليقظة

Publié le par ouardianas

-----------.jpgنورالدين 

الوعي الشقي عائق أمام تحقيق أحلام اليقظة

 

نورالدين الوردي 

 

 

إن الإنسان المغربي في زمنه الراهن كثرت شكواه وتذمره من بعض السلوكات التي أصبح يحملها ويتقمصها بين جل أفراد مجتمعه، نتيجة للتحولات والتغيرات الاجتماعية التي تعرفها الإنسانية، مواكبة منها زخم التطورات العلمية والتكنولوجية؛ وفي علاقة الفرد المغربي بها، وانفتاحه على ثقافات مجتمعات متقدمة، أضحى في حيرة من أمره أمام سلوكات وأنماط ثقافية متأصلة فيه، وأخرى جديدة داهمته من الخارج أو اقتبسها قسرا؛ تولدت عنها سلوكات وأنماط لم يكن يعلم بها، ولم يألفها في ممارساته اليومية؛ وهي ما جعلته حائرا أمام نفسه من موروثاته (من عادات وتقاليد وثقافات محلية...)، ومدى تطابقها وتناغمها وتكيفها مع ما أفرزه واقعه اليومي الحالي، وبالتالي تولد لديه تذمر مرير حيال سلوكات جديدة بل وغريبة في غالب الأحيان ترفضها الأسرة والمجتمع، نتج عنه تنافر وتناقض في ممارسة هذه السلوكات المرفوضة من جوانب متعددة ومختلفة (العادات، التقاليد، الأعراف، القيم، الأخلاق، الدين،...)؛

كل هذا أدى به إلى دوام البحث عن ذاته المشردة والمتشرذمة بين المتأصل فيه والجديد الدخيل المرفوض مجتمعيا، يضطره إلى السعي الحثيث نحو تصيد كل فرصة ممكنة تسمح له بتحقيق ما يبتغيه في معيشه اليومي وانشغالاته الخاصة غير مبال بالمسموح به أو الممنوع أو حتى المحرم عليه دينيا، مؤمنا فقط بما يريده في اللحظة من دون إعمال لوعيه الشقي الذي يحول عائقا أمامه يصعّب عليه تحقيق أحلامه اليقظة، لأنه يحول عائقا من أجل بلوغ الغايات اللحظية لأنها لا تتطلب تأملا وتفكيريا مليا وجديا يؤجل الآني إلى غاية نضجه؛

إن الأهم بالنسبة إليه هو الانتقال من سلم اجتماعي إلى آخر أعلى درجة من خلال القفز على المراحل مستعملا في ذلك كل السبل الانتقائية سواء مع المبادئ والقيم المتضمنة في الثقافة الموروثة والديني والاجتماعي، حيث تظهر بشكل جلي تناقضات ممارساته للسلوكات الراهنة، فيبيح لنفسه ما هو ممنوع وغير مشروع ومحرم؛ والأدهى من كل هذا هو الانعكاسات المجتمعية لكل هذه السلوكات الجديدة، تكبر في الفرد المغربي اليوم ووتضخم معه تلك "الأنا" المفرطة التي تلغي الآخر وحضوره، وتعتبره خادما أو عبدا مملوكا لها؛ فتنهار معها قيم إنسانية سامية مثل نكران الذات، والتهرب من الواجب (الأسري، المهني،...) تتنامى معه اللامسؤولية واللامبالاة، والابتزاز بشتى الأشكال، والتسلط، والمحسوبية، والارتشاء، والوصولية،...؛

ينتج عن كل الذي ذكر، تردي الوضع الراهن لمجتمع له ثقافات عريقة قابلة للتطور مواكبة منها للركب الإنساني الحضاري وما بلغه من رقي وتقدم ورفاهية، الأمر الذي يتطلب تدخل كل الفاعلين والفعاليات من ذوي الاختصاص والاهتمام مراجعة القيم والمنظومات التي تؤطر العلائق داخل المجتمع من أجل الحلم بمغرب ممكن،

صانع لمستقبل أفضل.

Publié dans رأي

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article